77 عامًا على العلاقات الدبلوماسية بين البلدين.. مصر والأردن: توافق مستمر وروابط ممتدة
جهود مكثفة تبذلها القيادة المصرية والقيادة الأردنية، على وقع الأحداث الجارية في قطاع غزة الفلسطيني، وفي خضم استمرار رحى الحرب التي استخدمت إسرائيل فيها كل أدواتها لتحقيق سبيلها الرامي لتفريغ قطاع غزة وتهجير سكانها، وسبيلًا لذلك قتلت الآلاف من الأطفال والشباب وكبار السن والعجائز كما أصاب عشرات الآلاف.
القيادة المصرية ممثلة في شخص الرئيس عبد الفتاح السيسي، تشدد على الدوام على أنه لا تصفية ولا تهجير، مع الاحتفاظ بالحق الكامل للأشقاء الفلسطينيين بإقامة دولتهم، وهي وجهة النظر التي تتسق مع رؤية الملك عبد الله الثاني بن الحسين، ملك المملكة الأردنية الهاشمية.
الرئيس السيسي التقى صبيحة، اليوم، الأربعاء، بشقيقه الملك عبدالله الثاني في قصر الاتحادية، وبحسب ما صرح المتحدث الرسمي باسم رئاسة الجمهورية المستشار أحمد فهمي، فإن الزعيمين عقدا مباحثات رحب خلالها الرئيس السيسي بأخيه العاهل الأردني في وطنه الثاني مصر، حيث تم الإعراب عن الارتياح لوتيرة التنسيق والتشاور بين البلدين، التي تعكس الأهمية الكبيرة للعلاقات بين الشعبين والقيادتين، وقد استكشف الزعيمان سبل تطوير العلاقات وفتح آفاق جديدة لتعزيزها في مختلف المجالات بما يتفق مع العلاقات الخاصة والأخوية بينهما.
وأضاف المتحدث الرسمي أن المباحثات تناولت تطورات الأوضاع الإقليمية وخاصة في قطاع غزة، والمأساة الإنسانية التي تواجه القطاع، والتي خلفت آلاف القتلى والجرحى ومئات الآلاف من النازحين، فضلاً عن التدمير الواسع الذي أصاب البنية التحتية والمنشآت في القطاع، حيث أكد الزعيمان رفضهما التام لجميع محاولات تصفية القضية الفلسطينية أو لتهجير الفلسطينيين خارج أراضيهم أو نزوحهم داخلياً.
وقف فوري لإطلاق النار في غزة
وشدد الرئيسان على أن الحل الوحيد الذي يجب أن يدفع المجتمع الدولي نحو تنفيذه هو الوقف الفوري لإطلاق النار، ونفاذ المساعدات الإغاثية بالكميات والأحجام والسرعة اللازمة التي تحدث فارقاً حقيقياً في التخفيف من معاناة أهالي القطاع، مع الدفع الجاد نحو مسار سياسي للتسوية العادلة والشاملة، يفضي لإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة على حدود الرابع من يونيو 1967 وعاصمتها القدس الشرقية، وفقاً لمقررات الشرعية الدولية ذات الصلة.
وأكد الجانبان أن هناك مسئولية سياسية وأخلاقية كبيرة تقع على عاتق المجتمع الدولي نحو تنفيذ قرارات مجلس الأمن والجمعية العامة للأمم المتحدة، على النحو الذي يحفظ مصداقية المنظومة الدولية، مشددين على أهمية عدم توسع دائرة الصراع بما يتسبب في زعزعة الأمن والاستقرار على المستويين الإقليمي والدولي.
العلاقات المصرية الأردنية
تتميز العلاقات المصرية الأردنية بالتوافق في الرؤى والأهداف، كما يرتبط البلدان بروابط اقتصادية وثيقة وممتدة ساهمت في تنمية التعاون الثنائي والعربي والإقليمي، وتضرب العلاقات بينهما بجذورها في التاريخ منذ القدم، وهو ما دلّت عليه الكشوف الأثرية والشواهد التاريخية منذ زمن الفراعنة في مصر والأنباط في الأردن، وقد ورد في سجلات تل العمارنة الفرعونية ذكر الأردن ما بين العامين 1375-1358 ق ق. م، أي في عهد الفرعون إخناتون، وفقًا لما ذكرته الهيئة العامة للاستعلامات.
في العصر الحديث، بدأت العلاقات الدبلوماسية بين مصر والأردن منذ استقلال الأردن عام 1946، وأصبحت الدولتان عضوين مؤسسَين في الجامعة العربيّة ومنظمة المؤتمر الإسلامي وحركة عدم الانحياز وعدة منظمات دولية أخرى .
أهمية العلاقات السياسية بين مصر والأردن
تكتسب العلاقات السياسية المصرية الأردنية أهمية خاصة نظرًا للدور الإقليمي المهم الذي تلعبه الدولتان في مواجهة التحديات والأخطار التي تهدد المنطقة، وتتميز العلاقة بين البلدين بالتوافق السياسي في الرؤى والأهداف .
هناك عدة ملفات أساسية يتعاون فيها الجانبان بشكل كبير، على رأسها القضية الفلسطينية التي تعد القاهرة وعمان طرفًين أساسيين فيها، ولاتزال الدولتان تسعيان من أجل استئناف المفاوضات الفلسطينية ـ الإسرائيلية وفقًا للمرجعيات الدولية.
شاركت حكومات مصر والأردن في عملية السلام في الشرق الأوسط، وعُقدت عدة قمم ولقاءات في البلدين خلال التسعينات وما بعدها بهدف تحقيق تسوية للقضية الفلسطينية مثل قمة شرم الشيخ عام 2005، وتسير سياسة البلدين ضمن محور اُطلق عليه إعلاميًا "محور الاعتدال العربي".
فى ملف الإرهاب تتفق رؤى الدولتين حول ضرورة تكاتف جهود المجتمع الدولي والدول العربية والإسلامية للتعامل بكل حزم مع خطر الإرهاب والتطرف والتنظيمات الإرهابية، هذا بالإضافة الى الرؤية المشتركة للوضع في سوريا وتأكيد البلدين على أهمية التوصل إلى حل سياسي شامل للأزمة ينهى المعاناة الإنسانية للشعب السوري، ويحفظ وحدة وسلامة الأراضي السورية، ويحول دون امتداد أعمال العنف إلى مناطق أخرى.
اتفاق في الموقف لدعم غزة ورفض التهجير
أكد السفير أمجد العضايلة سفير الأردن في القاهرة، أن هناك تنسيقاً أردنياً مصرياً لم ينقطع منذ الـ 7 من أكتوبر الماضي، وهذه رابع قمة منذ ذلك التوقيت، ومواقفهما ثابتة، وهدفهما وقف العدوان الإسرائيلي المتواصل على قطاع غزة، ولحشد الدعم الدولي لوقف هذا العدوان، وبدء مفاوضات جادة تعيدنا للمرجعيات الدولية والعودة لدولة فلسطينية مستقلة والبلدان معنيان بشكل كبير لوقف العدوان وتحقيق العدالة للشعب الفلسطيني.
وقال، إن موقف مصر والأردن واحد ورافض بشكل بات لعملية التهجير من قطاع غزة، سواء قسريا أو طوعيًا، وبالنسبة للبلدين خط أحمر.
وأشار إلى أن المملكة الأردنية ساهمت في تقديم العديد من المساعدات ، وكذلك مصر، بهدف مساعدة الشعب الفلسطيني على الصمود على أرضه، ومواجهة أي تفكير للتهجير.
يمتلكان عناصر قوة ودور هام لحل الأزمة في غزة
بدوره، أشاد الدكتور طارق الناصر أستاذ الإعلام بجامعة اليرموك الأردنية، بالمباحثات الثنائية بين الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، والملك عبد الله ملك الأردن، حول تطورات الأوضاع في القطاع، ودعوة جديدة لاتخاذ مسار المفاوضات السياسية أملا في تحقيق الاستقرار بمنطقة الشرق الأوسط.
وقال إن العلاقات بين القاهرة وعمان، هي علاقة أخوة ومصالح مشتركة وتاريخ وأولويات مشتركة، ونظرة قيمية تجاه الأهل في فلسطين وإيمان مطلق من قيادتي الدولتين أنه من حق الشعب الفلسطيني إقامة دولة على أرضه، وهذا الدور تمارسه الدولتين، دون البحث عن الاستعراض الإعلامي.
وشدد على أن هناك جهوداً ومواقف مشتركة وثابتة وواحدة بين العاهل الأردني والرئيس عبد الفتاح السيسي.
وأوضح أن التنسيق المصري الأردني مستمر وصوتهما واحد، وتملكان عناصر قوة مهمة ومشتركة تسمح لهما بممارسة دور قوي في المنطقة وتحديدًا في الملف الفلسطيني، بفضل امتلاكهما أطول حدود مع فلسطينين، بجانب الاحتلال، ويمتلكان أدوار اجتماعية ودينية أيضًا وخاصة حينما يتعلق باحتفالات عيد الميلاد المجيد.